قُلْتُ: حكى القاضي أبو الحسن الجوزي في كتابه "الموجز" عن ابن حربويه أنه أوجب الكفارة فيما إذا حرم مالًا له من ثوب أو عبد ونحو ذلك كمذهب أبي حنيفة المتقدم وسوى بينه وبين البضع، والمذهب الصحيح الفرق بما تقدم من اختصاص الأبضاع بمزيد الحظر والاحتياط، ولذلك كان تأثيرها بالتحريم أشد بدليل أنه يؤثر فيها الظهار ولا يؤثر في الأموال، وأما قصة العسل ونزول الآية فقد تقدم الجواب عنه.
السَّابِعَةُ: إذا قال لامرأته: "أنت علي حرام" وكرر ذلك ناويًا به التحريم أو أطلق وجعلناه صريحًا، فإن كان ذلك في مجلس واحد كفاه كفارة واحدة، وإن تعددت المجالس وأراد بالثاني وما بعده التأكيد فكذلك أيضًا، وإن أراد الاستئناف فالصحيح أن عليه لكل مرة كفارة، وقيل: يكفي للجميع كفارة، وإن أطلق فعلى قولين.
قال الرافعي: هكذا (48) رتبه الحناطي.
قُلْتُ: وينبغي أن يقال أنه إذا أراد الاستئناف بالثاني وما بعده مع اتحاد المجلس أنه تتعدد الكفارة كما قيل في تكرر الطلاق، واللَّه أعلم.
جميع ما تقدم من التفصيل في لفظ الحرام هو فيما إذا لم يشتهر بين أهل القطر الذي قاله اللافظ به في الطلاق؛ فأما إذا اشتهر فيه واستمر العرف بينهم بذلك فهل يلتحق بصرائح الطلاق الثلاثة أو يبقى على حاله كما لم يشتهر فيستمر فيه التفصيل المتقدم؟
فيه اختلاف الأصحاب، مأخذه أن الصرائح تؤخذ من الشيوع والاستفاضة فقط أو من ذلك مع ورود اللفظ في القرآن العظيم، فعلى الثاني لا يكون اللفظ صريحًا في الطلاق وإن اشتهر لعدم وروده في القرآن أو السنة بمعنى الطلاق وهو الذي رجحه أكثر المتقدمين وصاحب "التتمة" وقطع به العراقيون كما ذكره النووي واختاره أيضًا.
وعلى المأخذ الأول يكون لفظ الحرام صريحًا في الطلاق على الوجه المذكور،