بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَمَّا بَعْدُ:
حمدًا للَّه الذي وسع كل شيء رحمة وعلمًا، ومنح من اختصه بالعلم الشريف دراية وفهمًا، ووسع باختلافهم على عبادة المُؤْمنين رفقًا بهم ورحمى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المخصوص بالمحل الأسمى والشفاعة العظمى والمعجزات الباقيات تنمى وتنمى، وعلى آله وصحبه المحكوم لهم بالمزية على من بعدهم حتمًا، المرجوع إليهم في الدين نقلًا وحكمًا.
فإن مسألة تحريم الزوجة وغيرها قد تباينت فيها المذاهب وتعارضت المطالب مع كثرة وقوعها وتشعب فروعها واختلاف تفصيلها ومجموعها؛ فعلقتها في هذه الأوراق مستعينًا بالواحد الخلاق، بدأت أولًا بأقوال الصحابة -رضي اللَّه عنهم- المنقولة فيها، ثم ترتيب المذاهب فمن بعدهم على وجه يحويها، ثم بما يستند إليه من الأدلة محررًا، وما يتفرع عليها من مسائل المذهب محبرًا، ولم آل في توجيه الراجح من مباحثها مقررًا، واللَّه تعالى يوفق للصواب في ذلك ويهدينا إلى أرشد المسالك بمنه وكرمه.
أما المروي فيها عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ففي "صحيح البخاري" من طريق معاوية ابن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعلي بن حكيم، عن سعيد بن جبير؛ أنه سمع ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقول: إذا حرم الرجل امرأته ليس بشيء (ص 3) وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
هكذا رواه في كتاب الطلاق (?)، وأخرجه في التفسير من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير بسنده ولفظه: قال في الحرام يكفر، وقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (?).
وبهذا اللفظ أخرجه مسلم (?) من الطريقين ولفظه في طريق معاوية بن سلام أن