فعيسى -صلى اللَّه عليه وسلم- كان رحمة من اللَّه لمن اتبعه وأطاعه كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا أَنَّا رَحْمَةٌ مُهدَاة" (?) وهذا الوجه يلزم منه تسمية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- روح اللَّه ولم يطلق عليه، والأولان أقوى.
وقيل أيضًا فيه وجه رابع: وهو أن المراد بالروح ها هنا جبريل عليه السلام؛ لأنه يطلق عليه الروح، قال اللَّه تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (?) ويكون "رُوح" هنا معطوفًا على الضمير المستكن في {أَلْقَاهَا} وتأويله: ألقاها اللَّه إلى مريم وجبريل.
ومعنى {مِّنْهُ} أي: بإذنه وأمره، كقولك: قلت لفلان منك قولًا، أي: بإذنك في ذلك، وهذا وجه صحيح أَيضًا، وعلى الأوجه الأول يكون "رُوح" معطوفًا على "رسول" الخبر.
وأما {أَلْقَاهَا} فهو في موضع الحال، و"قَدْ" مقدرة معه، هذا على قول الجمهور، وأما عند سيبويه فإنه يمنع وقوع الماضي المثبت حالًا إلَّا بأن يلفظ بـ "قَدْ" معه، وفي [. . .] (?)
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (?) إنما جمع الرسل لأن المراد أن يدخلوا في دين الإِسلام، فلو قيل: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} لتوهم عود الضمير إلى عيسى عليه السلام ولم يكن فيه حمل على الدخول في هذا الدين، وأما الإيمان باللَّه وجميع الرسل فإنه