كفساق المسلمين طردًا، وعكسه عدول المسلمين لما قبلت شهادتهم على المسلمين قبلت على غيرهم، ولأنها شهادة من كافر فوجب ردها كما لو شهد على مسلم.

فَإِنْ قَالُوا: إنما لم تقبل شهادته على المسلمين لما بينهما من العداوة الظاهرة فإن التهمة قائمة بخلاف ما إذا شهد بعضهم على بعض.

قُلْنَا: فيجب ألا تقبل شهادة اليهودي على النصراني وعكسه كما هو مذهب الزهري والشعبي؛ لما بينهما من العداوة الظاهرة.

احْتَجُّوا بِالنَّقْلِ وَالْمَعْنَى:

أما النقل: فذكروا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أتي بالزانيين من اليهود قال: "إِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْكُمْ رَجَمْتُهُمَا".

وروى الشعبي، عن جابر -رضي اللَّه عنه-؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض (?).

قُلْنَا: أَمَّا الأَوَّلُ فلا توجد هذه الزيادة في قصة الزانيين بسند أصلًا، ولا يثبت حديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بسند صحيح، والمعروف في هذا الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجم اليهوديين باعترافهما.

وَأمَّا الثَّانِي فقد تفرد بروايته عن الشعبي مجالد بن سعيد، وقد قال فيه أحمد بن حنبل: ليس بشيء، وقال يحيى بن معين: لا محتج به، وقد خالفه فيه جماعة من الثقات فرووه عن الشعبي عن شريح من قوله.

وَأَمَّا الْمَعْنَى فاعتمدوا القياس على ولايتهم في المال والنكاح.

قُلْنَا: الفرق بين ذلك وبين الشهادة أن ولاية النكاح والمال تتعين عليه ولا يقوم غيره مقامه فيها لكمال شفقته على موليه واجتهاده في النظر لهم بخلاف الشهادة فإنها لم تتعين عليه، كما أن على أصل أبي حنيفة يجوز أن يكون الفاسق وليًّا في نكاح ابنته لتعين ذلك في حقه ولا تقبل شهادة الفاسق ولا يجوز أَيضًا أن يكون الحاكم وليًّا مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015