منها: ضرب كتاب الله بعضه ببعض فينزع المثبت للقدر بآية والنافي له بأخرى ويقع التجادل في ذلك. وهذا قد رُوي أنَّه وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب من ذلك ونهى عنه (?). وهذا من جملة الاختلاف في القرآن والمراء فيه، وقد نهى عن ذلك (?).
ومنها: الخوض في القدر إثباتًا ونفيًا "بالأقيسة العقلية، كقول القدرية: لو قدر وقضى ثم عذب كان ظالمًا، وقول من خالفهم: إن الله جبر العباد عَلَى أفعالهم، ونحو ذلك.
ومنها: الخوض في سر القدر، وقد ورد النهي عنه، عن علي وغيره من السَّلف، فإن العباد لا يطلعون عَلَى حقيقة ذلك.
ومن ذلك -أعني: محدثات الأمور- ما أحدثه المعتزلة، ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله -تعالى- وصفاته بأدلة العقول وهو أشد خطرًا من الكلام في القدر؛ لأنّ الكلام في القدر كلام في أفعاله، وهذا كلام في ذاته وصفاته.
(وانقسم) (*) هؤلاء إِلَى قسمين:
أحدهما: من نفى كثيرًا مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين، كقول المعتزلة: لو رُوي لكان جسمًا؛ لأنّه لا يرى إلا في (جهة) (**).
وقولهم: لو كان له كلام يسمع لكان جسمًا. ووافقهم من نفى الاستواء، فنفوه لهذه الشبهة، وهذا طريق المعتزلة والجهمية.
وقد اتفق السَّلف عَلَى تبديعهم وتضليلهم، وقد سلك سبيلهم في بعض الأمور كثير ممن انتسب إِلَى السنة والحديث من المتأخرين.