وفي "مسند بقي بن مخلد" بإسناد جيد، عن عائشة: "أن رجلاً تلا هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (?) فَقَالَ: إنا لنجزى بكل عمل عملنا؟ هلكنا إذًا! فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: نعم يجزى به المؤمن في الدُّنْيَا، في نفسه، في جسده فما دونه".
وأما ما روي عن مجاهد أن الحمى في الدُّنْيَا، هو ورود جهنم يوم القيامة -فإن صح عنه- فله معنى صحيح، وهو أن ورود النار في الآخرة قد اختلف فيه الصحابة عَلَى قولين:
أحدهما: أنه المرور عَلَى الصراط، كقول ابن مسعود.
والثاني: أنه الدخول فيها، كقول ابن عباس.
فمن قال هو المرور عَلَى الصراط، فإنه يقول: إِنَّ مرور المؤمنين عَلَى الصراط بحسب إيمانهم وأعمالهم -كما صحت النصوص النبوية- فمن كمل إيمانه نجي، ولم يتأذ بالنار، ولم يسمع حسيسها، ومن نقص إيمانه، فإنه قد تخدشه (الكلاليب) (?)، و (يتكردس) (?) في النار بحسب ما نقص من إيمانه، ثم ينجو.
ومن قال هو دخول النار، فإنه يقول إِنَّ المؤمنين الذين كمل إيمانهم، لا يحسون بحرها بالكلية.
وفي "المسند" (?) عن جابر مرفوعًا: "لا يبقى أحد إلا دخلها، فأما المؤمنون فتكون عليهم بردًا وسلامًا كما كانت عَلَى إبراهيم، حتى إِنَّ للنار لضجيجًا من بردهم".
وفي حديث آخر: "تقول النار للمؤمن: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي" (?).