وقول - صلى الله عليه وسلم -: "القصد القصد تبلغوا" حثٌّ عَلَى الاقتصاد فى العبادة والتوسط فيها بين الغلو والتقصير، ولذلك كرره مرةٌ بعد مرةٍ.
وفي "مسند البزَّار" (?) من حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعًا: "ما أحسن القصد في الفقر، وما أحسن القصد في الغني، وما أحسن القصد في العبادة".
وكان لمُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير ابنٌ قد اجتهد في العبادة، فَقَالَ له أبوه: خير الأمور أوسطها، الحسنة بين السيئتين، وشرُّ السير الحقحقة. قَالَ أبو عبيد: يعني أن الغلوَّ في العبادة سيئة، والتقصير سيئة والاقتصاد بينهما حسنةٌ.
قَالَ: والحقحقة أن يلحَّ في شدة السير حتى تقوم عليه راحلته وتعطب فيبقى منقطعًا به سفره، انتهى.
ويشهد لهذا المعنى الحديث المروي عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا:
"إنَّ هذا الدينَ متينٌ فأوغلْ فيه برفقٍ ولا تبغض إِلَى نفسك عبادة الله، فإنَّ المنبتَّ لا سفرًا قطع ولا ظهرًا أبقى، فاعمل عمل امرئ يظن أنّه لن يموت إلاَّ هَرِمًا، واحذر حذر امرئ (يخشى) (*) أن يموت غدًا". أخرجه حميد بن