والحق أقول: إني أَحَبّ إِلَى عبدي من نفسه التي بين جنبيه".
وعن ابن عيينة، عن رجل، عن يحيى بن أبي كثير اليمامي قال: "نظرنا فلم نجد شيئًا يتلذذ به المتلذذون أفضل من حب الله -عز وجل- وطلب مرضاته".
وعن سعيد بن عامر، عن محمد بن ليث، عن بعض أصحابه قال: "كان حكيم بن حزام يطوف بالبيت ويقول: لا إله إلا الله، نعم الرب ونعم الإله، أحبه وأخشاه".
وعن بكر المزني قال: "ما فاق أبو بكر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بصوم ولا صلاة ولكن بشيء (كان) (?) في قلبه".
قال إبراهيم: بلغني عن ابن علية "أنَّه قال في عقيب هذا الحديث: الَّذِي كان في قلبه الحب لله -تعالى- والنصيحة في خلقه".
وقال ابن أبي الدُّنْيَا: حدثنا هارون بن سفيان، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني بعض أهل البصرة قال: "لما استقضى سوّار بالبصرة كتب إِلَيْهِ أخ له كان يطلب العِلْم معه وكان ببعض الثغور: أما بعد؛ أوصيك بتقرى الله الَّذِي جعل التقوى عوضًا من كل فائت من الدُّنْيَا، ولم يجعل شيئًا من الدُّنْيَا يكون عوضًا من التقوى؛ فإن التقوى عقيدة كل عاقل مستبصر إليها يستروح وبها يستن، ولم يظفر أحد في عاجل هذه الدُّنْيَا وآجل الآخرة بمثل ما ظفر به أولياء الله الذين شربوا بكأس حبه فكانت قرة أعينهم فيه، وذلك أنهم أعملوا أنفسهم في جسيم الأدب وراضوها رياضة الأصحاء الصادقين، فطلقوها عن فضول الشهوات وألزموها الفوت المقلق، وجعلوا الجوع والعطش شعارًا لها برهة من الزمان حتى انقادت وأذعنت وعزفت لهم عن فضول الحطام، فلما ظعن حب فضول الدُّنْيَا من قلوبهم، وزايلتها أهواؤهم وانقطعت أمانيهم وصارت. الآخرة نصب أعينهم ومنتهى أملهم، ورث الله قلوبهم نور الحكمة، وقلدها قلائد العصمة، وجعلهم دعاة لمعالم الدين يلمون منه الشعث، ويشعبون منه الصدع، لم يلبثوا إلا يسيرًا