وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
تَنَازُعُ النَّاسِ فِي الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ هَلْ يَكُونُ أَمْرًا بِلَوَازِمِهِ؟ وَهَلْ يَكُونُ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ؟ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ فِعْلِ لَوَازِمِهِ وَتَرْكِ ضِدِّهِ. (*)
وَمَنْشَأُ النِّزَاعِ أَنَّ الْآمِرَ بِالْفِعْلِ قَدْ لَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ اللَّوَازِمَ وَلَا تَرْكَ الضِّدِّ؛ وَلِهَذَا إذَا عَاقَبَ الْمُكَلَّفَ لَا يُعَاقِبُهُ إلَّا عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ فَقَطْ لَا يُعَاقِبُهُ عَلَى تَرْكِ لَوَازِمِهِ وَفِعْلِ ضِدِّهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمُلَقَّبَةُ: بِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَقَدْ غَلِطَ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَسَّمُوا ذَلِكَ: إلَى مَا لَا يَقْدِرُ الْمُكَلَّفُ عَلَيْهِ؛ كَالصِّحَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْعَدَدِ فِي الْجُمُعَة؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِهِ. وَإِلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي الْحَجِّ وَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَإِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي الصِّيَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَقَالُوا: مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ وَكَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ.