فَصْل:
قَدْ كَتَبْت فِيمَا قَبْلَ هَذَا مُسَمَّى الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى:
مَا أَخْبَرَ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ عُرِفَ بِخَبَرِهِ وَإِلَى مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ. وَاَلَّذِي أَخْبَرَ بِهِ يَنْقَسِمُ: إلَى مَا دَلَّ عَلَى عِلْمِهِ بِالْعَقْلِ؛ وَإِلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَفَادًا بِالْعَقْلِ؛ أَوْ مُسْتَفَادًا بِالشَّرْعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ. أَوْ لَازِمًا لِلْمَقْصُودِ. وَكَذَلِكَ اسْمُ الشَّرِيعَةِ وَالشَّرْعِ وَالشِّرْعَةِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِمُ كُلَّ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الآجري " كِتَابَ الشَّرِيعَةِ " وَصَنَّفَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ بَطَّةَ " كِتَابَ الْإِبَانَةِ عَنْ شَرِيعَةِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ " وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا مَقْصُودُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي السُّنَّةِ بِاسْمِ الشَّرِيعَةِ: الْعَقَائِدُ الَّتِي يَعْتَقِدُهَا أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ الْإِيمَانِ مِثْلَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَأَنَّ اللَّهَ مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ