مجموع الفتاوي (صفحة 969)

تنازع أهل الكلام في الأصول التي يتوقف إثبات النبوة عليها

(ب) لَا تُعْلَمُ إلَّا بِالْعَقْلِ فَقَطْ فَإِنَّ السَّمْعَ هُوَ مُجَرَّدُ إخْبَارِ الصَّادِقِ وَخَبَرُ الصَّادِقِ الَّذِي هُوَ النَّبِيُّ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُصُولِ بِالْعَقْلِ ثُمَّ إنَّهُمْ قَدْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ إثْبَاتُ النُّبُوَّةِ عَلَيْهَا. " فَطَائِفَةٌ " تَزْعُمُ: أَنَّ تَحْسِينَ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحَهُ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ النُّبُوَّةِ بِدُونِ ذَلِكَ وَيَجْعَلُونَ التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ مِمَّا يَنْفِيهِ الْعَقْلُ و " طَائِفَةٌ " تَزْعُمُ أَنَّ حُدُوثَ الْعَالَمِ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ وَأَنَّ الْعِلْمَ بِالصَّانِعِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِإِثْبَاتِ حُدُوثِهِ وَإِثْبَاتِ حُدُوثِهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَحُدُوثُهَا يُعْلَمُ إمَّا بِحُدُوثِ الصِّفَاتِ، وَإِمَّا بِحُدُوثِ الْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ بِهَا فَيَجْعَلُونَ نَفْيَ أَفْعَالِ الرَّبِّ وَنَفْيَ صِفَاتِهِ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ النُّبُوَّةِ إلَّا بِهَا ثُمَّ هَؤُلَاءِ لَا يَقْبَلُونَ الِاسْتِدْلَالَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى نَقِيضِ قَوْلِهِمْ لِظَنِّهِمْ أَنَّ الْعَقْلَ عَارِضُ السَّمْعِ - وَهُوَ أَصْلُهُ - فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ وَالسَّمْعُ: إمَّا أَنْ يُؤَوَّلَ وَإِمَّا أَنْ يُفَوَّضَ وَهُمْ أَيْضًا عِنْدَ التَّحْقِيقِ لَا يَقْبَلُونَ الِاسْتِدْلَالَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ وَهَؤُلَاءِ يَضِلُّونَ مِنْ وُجُوهٍ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015