مجموع الفتاوي (صفحة 9685)

ظن بعض المتكلمين وغيرهم أن دلالة الكتاب والسنة على أصول الدين بمجرد الخبر فقط، ونتيجة ذلك

وَصِفَاتِهِ وَصِدْقِ رَسُولِهِ وَالْمُعَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ بَلْ وَمَا يُمْكِنُ بَيَانُهُ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُورِ تُعْرَفُ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ وَمَعَ هَذَا فَالرَّسُولُ بَيَّنَ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَيْهَا؛ فَجَمَعَ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ: السَّمْعِيِّ؛ وَالْعَقْلِيِّ. وَبَيَّنَّا أَنَّ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ؛ كَمَا تَظُنُّهُ طَائِفَةٌ مِنْ الغالطين مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ دَلَّا الْخَلْقَ وَهَدَيَاهُمْ إلَى الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِأُصُولِ الدِّينِ وَهَؤُلَاءِ الغالطون الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَمَّا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ الْيَقِينِيَّةِ صَارُوا إذَا صُنِّفُوا فِي أُصُولِ الدِّينِ أَحْزَابًا: حِزْبٌ: يُقَدِّمُونَ فِي كُتُبِهِمْ الْكَلَامَ فِي النَّظَرِ وَالدَّلِيلِ وَالْعِلْمِ وَأَنَّ النَّظَرَ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ وَيَتَكَلَّمُونَ فِي جِنْسِ النَّظَرِ وَجِنْسِ الدَّلِيلِ وَجِنْسِ الْعِلْمِ بِكَلَامٍ قَدْ اخْتَلَطَ فِيهِ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ إذَا صَارُوا إلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ وَالدَّلِيلُ لِلَّذِينَ اسْتَدَلُّوا بِحُدُوثِ الْأَعْرَاضِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ وَهُوَ دَلِيلٌ مُبْتَدَعٌ فِي الشَّرْعِ وَبَاطِلٌ فِي الْعَقْلِ. وَالْحِزْبُ الثَّانِي: عَرَفُوا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُبْتَدَعٌ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ مُخَالَفَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَنْهُ يَنْشَأُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015