مجموع الفتاوي (صفحة 9660)

فصل: فيمن حكى عن بعض السوفسطائية أن الحقائق تابعة للعقائد

فَصْلٌ:

إذَا تَبَيَّنَ هَذَا؛ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ صَارَ فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ فَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ السوفسطائية أَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَ الْعَقَائِدِ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الِاعْتِقَادَاتِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْأَشْيَاءِ حَقَائِقَ ثَابِتَةً فِي نَفْسِهَا يُوَافِقُهَا الِاعْتِقَادُ تَارَةً وَيُخَالِفُهَا أُخْرَى بَلْ جُعِلَ الْحَقُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا اعْتَقَدَهُ الْمُعْتَقِدُ وَجَعَلَ الْحَقَائِقَ تَابِعَةً لِلْعَقَائِدِ وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَعُمُومِهِ لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ سَلِيمُ الْعَقْلِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُحْكَى أَنَّ السوفسطائية أَنْكَرُوا الْحَقَائِقَ وَلَمْ يُثْبِتُوا حَقِيقَةً وَلَا عِلْمًا بِحَقِيقَةِ وَأَنَّ لَهُمْ مُقَدِّمًا يُقَالُ لَهُ: سوفسطا كَمَا يَذْكُرُهُ فَرِيقٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ. وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يُعْرَفُ أَنَّ عَاقِلًا قَالَهُ وَلَا طَائِفَةٌ تُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَإِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ مُعَرَّبَةٌ مِنْ اللُّغَةِ الْيُونَانِيَّةِ وَمَعْنَاهَا: الْحِكْمَةُ الْمُمَوَّهَةُ يَعْنُونَ الْكَلَامَ الْبَاطِلَ الَّذِي قَدْ يُشْبِهُ الْحَقَّ كَمَا قَدْ يَتَخَيَّلُهُ الْإِنْسَانُ لِفَسَادِ عَقْلِهِ أَوْ مِزَاجِهِ أَوْ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَجَعَلُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015