مجموع الفتاوي (صفحة 9624)

فصل: في أن الرسالة ضرورية في إصلاح العبد في معاشه ومعاده

قصور العقل في معرفة ما ينفع الأنسان وما يضره

فَصْلٌ:

وَالرِّسَالَةُ ضَرُورِيَّةٌ فِي إصْلَاحِ الْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمُعَادِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا صَلَاحَ لَهُ فِي آخِرَتِهِ إلَّا بِاتِّبَاعِ الرِّسَالَةِ فَكَذَلِكَ لَا صَلَاحَ لَهُ فِي مَعَاشِهِ وَدُنْيَاهُ إلَّا بِاتِّبَاعِ الرِّسَالَةِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُضْطَرٌّ إلَى الشَّرْعِ؛ فَإِنَّهُ بَيْنَ حَرَكَتَيْنِ: حَرَكَةٌ يَجْلِبُ بِهَا مَا يَنْفَعُهُ؛ وَحَرَكَةٌ يَدْفَعُ بِهَا مَا يَضُرُّهُ. وَالشَّرْعُ هُوَ النُّورُ الَّذِي يُبَيِّنُ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ وَالشَّرْعُ نُورُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَعَدْلِهِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَحِصْنِهِ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْعِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الضَّارِّ وَالنَّافِعِ بِالْحِسِّ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِلْحَيَوَانَاتِ الْعُجْمِ؛ فَإِنَّ الْحِمَارَ وَالْجَمَلَ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الشَّعِيرِ وَالتُّرَابِ بَلْ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَضُرُّ فَاعِلَهَا فِي مَعَاشِهِ وَمُعَادِهِ كَنَفْعِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ؛ وَالْعَدْلِ وَالْبِرِّ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِحْسَانِ؛ وَالْأَمَانَةِ وَالْعِفَّةِ؛ وَالشَّجَاعَةِ وَالْحُلْمِ؛ وَالصَّبْرِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إلَى الْمَمَالِيكِ وَالْجَارِ؛ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ؛ وَإِخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَالرِّضَا بِمَوَاقِعِ الْقَدَرِ بِهِ؛ وَالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِهِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ؛ وَمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِهِ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015