الْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَأَصْحَابَهُ أَلْجَئُوهُمْ إلَى حَدِيقَتِهِمْ فَحَمَلَ النَّاسُ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ حَتَّى أَلْقَوْهُ إلَيْهِمْ دَاخِلَ السُّورِ فَفَتَحَ لَهُمْ الْبَابَ. وَأَمَّا قِصَّةُ مَرْحَبٍ فَقَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ مَرْحَبًا وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مسلمة قَتَلَ مَرْحَبًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ غَلَطٌ. وَأَمَّا كَوْنُ الْبَيْضَةِ الَّتِي عَلَى رَأْسِهِ كَانَتْ جُرْنَ رُخَامٍ فَكَذِبٌ وَكَذَلِكَ كَوْنُ الضَّرْبَةِ قَسَمَتْ الْفَارِسَ وَفَرَسَهُ وَنَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ؛ فَهَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ؛ وَلَمْ يَنْقُلْ مِثْلَ هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وَإِنَّمَا يَنْقُلُهُ الْجُهَّالُ وَالْكَذَّابُونَ. وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ عُبُورُ الْعَسْكَرِ عَلَى سَاعِدِ عَلِيٍّ وَمُرُورُ الْبَغْلَةِ وَدُعَاءُ عَلِيٍّ عَلَيْهَا بِقَطْعِ النَّسْلِ؛ فَإِنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ إنَّمَا يَرْوِيه مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الْوُجُودِ؛ فَإِنَّ الْبَغْلَةَ مَا زَالَتْ عَقِيمًا؛ وَعَسْكَرُ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَغْلَةٌ أَصْلًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بَغْلَةٌ وَلَا فِي الْمَدِينَةِ بَغْلَةٌ وَلَا حَوْلَهَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ بَغْلَةٌ إلَّا الْبَغْلَةَ الَّتِي أَهْدَاهَا الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ مِصْرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْدَ خَيْبَرَ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ رَجَعَ مُنْصَرِفًا