مجموع الفتاوي (صفحة 938)

اتفاق أسماء الله في دلالتها على ذاته مع تنوع معانيها

معنى الإحكام والتشابه فيما يعم القرآن أو يخص بعضه

فَمَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ بِهَا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. فَنَحْنُ نَفْهَمُ مَعْنَى ذَلِكَ وَنُمَيِّزُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَبَيْنَ الرَّحْمَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا اتَّفَقَتْ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى ذَاتِ اللَّهِ مَعَ تَنَوُّعِ مَعَانِيهَا فَهِيَ مُتَّفِقَةٌ مُتَوَاطِئَةٌ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ مُتَبَايِنَةٌ مِنْ جِهَةِ الصِّفَاتِ وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَالْمَاحِي وَالْحَاشِرِ وَالْعَاقِبِ. وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ الْقُرْآنِ مِثْلُ الْقُرْآنِ وَالْفُرْقَانِ وَالْهُدَى وَالنُّورِ وَالتَّنْزِيلِ وَالشِّفَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَرَادِفَةِ - لِاتِّحَادِ الذَّاتِ - أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَبَايِنَةِ لِتَعَدُّدِ الصِّفَاتِ؟ كَمَا إذَا قِيلَ: السَّيْفُ وَالصَّارِمُ وَالْمُهَنَّدُ وَقُصِدَ بِالصَّارِمِ مَعْنَى الصَّرْمِ وَفِي الْمُهَنَّدِ النِّسْبَةُ إلَى الْهِنْدِ؛ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُتَرَادِفَةٌ فِي الذَّاتِ مُتَبَايِنَةٌ فِي الصِّفَاتِ وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ بِأَنَّهُ مُحْكَمٌ وَبِأَنَّهُ مُتَشَابِهٌ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَعَلَ مِنْهُ مَا هُوَ مُحْكَمٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَشَابِهٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ الْإِحْكَامُ وَالتَّشَابُهُ الَّذِي يَعُمُّهُ؛ وَالْإِحْكَامُ وَالتَّشَابُهُ الَّذِي يَخُصُّ بَعْضَهُ قَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015