مجموع الفتاوي (صفحة 9146)

وَلِهَذَا شَرَعَ عِنْدَ الْكُسُوفِ الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْعَتَاقَةَ وَالدُّعَاءَ لِدَفْعِ الْعَذَابِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ سَائِرِ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ إنْشَاءُ الْعَذَابِ كَالزَّلْزَلَةِ وَظُهُورِ الْكَوَاكِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهُوَ أَقْرَبُ الْكَوَاكِبِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْأَرْضِ بِالتَّرْطِيبِ وَالْيُبْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا كَانَ الطَّالِبُونَ لِلْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ مِنْ الْكَوَاكِبِ إنَّمَا يَأْخُذُونَ الْأَحْدَاثَ بِحَسَبِ سَيْرِ الْقَمَرِ فَإِذَا كَانَ فِي شَرَفِهِ كَالسَّرَطَانِ كَانَ الْوَقْتُ عِنْدَهُمْ سَعِيدًا وَإِذَا كَانَ فِي الْعَقْرَبِ وَهُوَ هُبُوطُهُ كَانَ نَحْسًا فَهَذَا فِي عِلْمِهِمْ وَكَذَلِكَ فِي عَمَلِهِمْ مِنْ السِّحْرِ وَغَيْرِهِ: الْقَمَرُ أَقْرَبُ الْمُؤَثِّرَاتِ حَتَّى صَنَّفُوا " مُصْحَفَ الْقَمَرِ " لِعِبَادَتِهِ وَتَسْبِيحِهِ فَوَقَعَ تَرْتِيبُ الْمُسْتَعَاذِ مِنْهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى كَمَالِ التَّرْتِيبِ انْتِقَالًا مِنْ الْأَعَمِّ الْأَعْلَى الْأَبْعَدِ إلَى الْأَخَصِّ الْأَقْرَبِ الْأَسْفَلِ فَجُعِلَتْ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ: مِنْ شَرِّ الْمَخْلُوقَاتِ عُمُومًا وَقَوْلُ الْحَسَنِ: إنَّهُ إبْلِيسُ وَذُرِّيَّتُهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ جَهَنَّمُ: ذُكِرَ لِلشَّرِّ الَّذِي هُوَ لَنَا شَرٌّ مَحْضٌ مِنْ الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ. وَالثَّانِي: شَرُّ الْغَاسِقِ إذَا وَقَبَ فَدَخَلَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ مِنْ الْعَلَوِيَّاتِ فِي السُّفْلَيَاتِ مِنْ اللَّيْلِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْكَوَاكِبِ كَالثُّرَيَّا وَسُلْطَانِهِ الَّذِي هُوَ الْقَمَرُ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ سِحْرُ التمرسحات (?) الَّذِي هُوَ أَعْلَى السِّحْرِ وَأَرْفَعُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015