مجموع الفتاوي (صفحة 9120)

فصل: في " قل أعوذ برب الناس "

سُورَةُ النَّاسِ

وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

فَصْلٌ:

ليس من شرط الموسوس أن يكون مستترا عن البصر بل قد يشاهد

فِي {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلَى آخِرِهَا. قَوْلُهُ: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} فِيهَا أَقْوَالٌ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إلَّا قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ لِبَيَانِ الْوَسْوَاسِ أَيْ الَّذِي يُوَسْوِسُ مِنْ الْجِنَّةِ وَمِنْ النَّاسِ فِي صُدُورِ النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَإِيحَاؤُهُمْ هُوَ وَسْوَسَتُهُمْ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُوَسْوَسِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَتِرًا عَنْ الْبَصَرِ؛ بَلْ قَدْ يُشَاهِدُ قَالَ تَعَالَى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} {وَقَاسَمَهُمَا إنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} وَهَذَا كَلَامُ مَنْ يَعْرِفُ قَائِلَهُ لَيْسَ شَيْئًا يُلْقَى فِي الْقَلْبِ لَا يَدْرِي مِمَّنْ هُوَ وَإِبْلِيسُ قَدْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ فَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُ آدَمَ وَهُوَ وَنَسْلُهُ يَرَوْنَ بَنِي آدَمَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ وَأَمَّا آدَمَ فَقَدْ رَآهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015