مجموع الفتاوي (صفحة 8883)

فصل: في نفي قول مشركي العرب بأن الملائكة بنات الله، وقول النصارى بأن المسيح ابن الله، وقول اليهود بأن عزيرا ابن الله

وَمِنْهُمْ إبْلِيسُ وَهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ قَالُوا - لَعَنَهُمْ اللَّهُ - بَلْ تَزَوَّجَ مِنْ الْجِنِّ فَخَرَجَ بَيْنَهُمَا الْمَلَائِكَةُ. وَقَوْلُهُ: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ كَالثَّعْلَبِيِّ وَهُمْ كُفَّارُ الْعَرَبِ قَالُوا الْمَلَائِكَةُ وَالْأَصْنَامُ بَنَاتُ اللَّهِ وَالْيَهُودُ قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَالنَّصَارَى قَالُوا الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ الْعَرَبِ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ صَاهَرَ الْجِنَّ فَوَلَدَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَدْ نَفَاهُ اللَّهُ عَنْهُ بِامْتِنَاعِ الصَّاحِبَةِ وَبِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ جُزْءٌ فَإِنَّهُ صَمَدٌ وَقَوْلُهُ: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} . وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوِلَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ أَصْلَيْنِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ تَوَلُّدُ الْأَعْيَانِ الَّتِي تُسَمَّى الْجَوَاهِرَ وَتَوَلُّدُ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ بَلْ وَلَا يَكُونُ تَوَلُّدُ الْأَعْيَانِ إلَّا بِانْفِصَالِ جُزْءٍ مِنْ الْوَالِدِ فَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَاحِبَةً امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ وَقَدْ عَلِمُوا كُلَّهُمْ أَنْ لَا صَاحِبَةَ لَهُ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَا مِنْ الْجِنِّ وَلَا مِنْ الْإِنْسِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ لَهُ صَاحِبَةً فَلِهَذَا احْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ كُفَّارِ الْعَرَبِ أَنَّهُ صَاهَرَ الْجِنَّ فَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015