مجموع الفتاوي (صفحة 8837)

أصل مادة " الصمد " و " السيد "

قول السلف في قوله تعالى: " وسيدا وحصورا "

قُلْت: الِاشْتِقَاقُ يَشْهَدُ لِلْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ (الصَّمَدَ) الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ السَّيِّدُ وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ أَدَلُّ؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ أَصْلٌ لِلثَّانِي وَلَفْظُ (الصَّمَدِ) يُقَالُ عَلَى مَا لَا جَوْفَ لَهُ فِي اللُّغَةِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْمَلَائِكَةُ صَمَدٌ وَالْآدَمِيُّونَ جَوْفٌ وَفِي حَدِيثِ آدَمَ أَنَّ إبْلِيسَ قَالَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجْوَفُ لَيْسَ بِصَمَدِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمُصَمَّدُ لُغَةً فِي الْمُصْمَتِ وَهُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ قَالَ وَالصِّمَادُ عِفَاصُ الْقَارُورَةِ وَقَالَ: الصَّمَدُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْغَلِيظُ قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

يُغَادِرُ الصَّمَدُ كَظَهْرِ الْأَجْزَل

وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْجَمْعُ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ يُقَالُ يَصْمُدُ الْمَالَ: أَيْ يَجْمَعُهُ وَكَذَلِكَ " السَّيِّدُ " أَصْله سيود اجْتَمَعَتْ يَاءٌ وَوَاوٌ وَسَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ. كَمَا قِيلَ مَيِّتٌ وَأَصْلُهُ ميوت. وَالْمَادَّةُ فِي السَّوَادِ وَالسُّؤْدُدِ تَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ وَاللَّوْنُ الْأَسْوَدُ هُوَ الْجَامِعُ لِلْبَصَرِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قَالَ أَكْثَرُ السَّلَفِ (سَيِّدًا) حَلِيمًا وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ. وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ. وأبي الشَّعْثَاءِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. وَمُقَاتِلٍ وَقَالَ: أَبُو رَوْقٍ عَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ الْحَسَنُ الْخُلُقِ. وَرَوَى سَالِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ التَّقِيُّ وَلَا يَسُودُ الرَّجُلُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونَ فِي نَفْسِهِ مُجْتَمِعَ الْخُلُقِ ثَابِتًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015