وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الْقَائِلُ: " مَا ثَمَّ إلَّا اللَّهُ " مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الِاتِّحَادِ؛ مِنْ أَنَّهُ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ وَيَقُولُونَ: لَيْسَ إلَّا اللَّهُ أَيْ لَيْسَ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ وَيَقُولُونَ: إنَّ وُجُودَ الْمَخْلُوقَاتِ هُوَ وُجُودُ الْخَالِقِ وَالْخَالِقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ وَالْعَبْدُ هُوَ الرَّبُّ وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الِاتِّحَادِيَّةِ الَّذِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَلَا يُثْبِتُونَ الْمُبَايَنَةَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُوجَدُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَابْنِ الْفَارِضِ والتلمساني وَنَحْوِهِمْ مِنْ الِاتِّحَادِيَّةِ. وَكَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ بِالْحُلُولِ كَمَا يَقُولُهُ الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَيَجْعَلُونَهُ مُخْتَلِطًا بِالْمَخْلُوقَاتِ حَتَّى إنَّ هَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَهُ فِي الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وَالنَّجَاسَاتِ أَوْ يَجْعَلُونَ وُجُودَ ذَلِكَ وُجُودَهُ فَمَنْ أَرَادَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ فَهُوَ مُلْحِدٌ ضَالٌّ يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.