مجموع الفتاوي (صفحة 8670)

قول جمهور الفقهاء في تفاضل أنواع الإيجاب والتحريم

بِهِ الشَّرَائِعُ كُلُّهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِالْمَأْمُورَاتِ الْعَظِيمَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الشِّرْكِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالزِّنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَتْهُ الشَّرَائِعُ كُلُّهَا وَمَا يَحْصُلُ مَعَهُ فَسَادٌ عَظِيمٌ كَالْأَمْرِ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرَانِ وَاجِبَيْنِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ كَالْأَمْرِ بِأَخْذِ الزِّينَةِ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَامِلِ وَإِيتَائِهَا أَجْرَهَا إذَا أَرْضَعَتْ.

وَلِهَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى تَفَاضُلِ أَنْوَاعِ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَقَالُوا: إنَّ إيجَابَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ قَدْ يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ إيجَابِ الْآخَرِ وَتَحْرِيمُهُ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْآخَرِ فَهَذَا أَعْظَمُ إيجَابًا وَهَذَا أَعْظَمُ تَحْرِيمًا وَلَكِنْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ نَازَعُوا فِي ذَلِكَ كَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ فَقَالُوا: التَّفَاضُلُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ لَكِنْ فِي مُتَعَلَّقِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: بَلْ التَّفَاضُلُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْمُسَبِّبَاتِ دَلِيلٌ عَلَى التَّفَاضُلِ فِي الْأَسْبَابِ وَكَوْنُ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ ثَوَابُهُ أَعْظَمُ وَعِقَابُهُ أَعْظَمُ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ وَالنَّهْيَ عَنْهُ أَوْكَدُ وَكَوْنُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَالنَّهْيَيْنِ مَخْصُوصًا بِالتَّوْكِيدِ دُونَ الثَّانِي مِمَّا لَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ عَاقِلٌ وَلَوْ تَسَاوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَامْتَنَعَ الِاخْتِصَاصُ بِتَوْكِيدِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ فَإِنَّ التَّسْوِيَةَ وَالتَّفْضِيلَ مُتَضَادَّانِ. وَجُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ عَلَى التَّفَاضُلِ فِي الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَإِطْلَاقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015