مجموع الفتاوي (صفحة 8549)

هل ذكر قوله تعالى: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " بعد كل آية يعد من باب التكرار أم زيادة معنى؟

سُورَةِ الرَّحْمَنِ خِطَابُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ كُلِّ آيَةٍ لَمْ يَذْكُرْ مُتَوَالِيًا. وَهَذَا النَّمَطُ أَرْفَعُ مِنْ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ قَصَصُ الْقُرْآنِ لَيْسَ فِيهَا تَكْرَارٌ كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ. و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ تَكْرَارٍ إلَّا قَوْلُهُ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} وَهُوَ مَعَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِجُمْلَةِ. وَقَدْ شَبَّهُوا مَا فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ بِقَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَحْسَن إلَيْهِ وَتَابَعَ عَلَيْهِ بِالْأَيَادِي وَهُوَ يُنْكِرُهَا وَيَكْفُرُهَا: أَلَمْ تَكُ فَقِيرًا فَأَغْنَيْتُك؟ أَفَتُنْكِرُ هَذَا؟ أَلَمْ تَكُ عريانا فَكَسَوْتُك؟ أَفَتُنْكِرُ هَذَا؟ أَلَمْ تَكُ خَامِلًا فَعَرَّفْتُك؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ التَّكْرَارِ الْمُتَوَالِي كَمَا فِي الْيَمِينِ الْمُكَرَّرَةِ. وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ إنَّهُ قَدْ يَعْطِفُ الشَّيْءَ لِمُجَرَّدِ تَغَايُرِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: فَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنَا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ. وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ لَفْظًا زَائِدًا إلَّا لِمَعْنَى زَائِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ التَّوْكِيدِ وَمَا يَجِيءُ مِنْ زِيَادَةِ اللَّفْظِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} وَقَوْلِهِ {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} وَقَوْلِهِ {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} فَالْمَعْنَى مَعَ هَذَا أَزْيَدُ مِنْ الْمَعْنَى بِدُونِهِ. فَزِيَادَةُ اللَّفْظِ لِزِيَادَةِ الْمَعْنَى وَقُوَّةُ اللَّفْظِ لِقُوَّةِ الْمَعْنَى. وَالضَّمُّ أَقْوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015