مجموع الفتاوي (صفحة 8098)

بيان فساد القول: " هو يرى لا في جهة، فكذلك يراه غيره "

كَمَا يتضام النَّاسُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الشَّيْءِ الْخَفِيِّ كَالْهِلَالِ. وَكَذَلِكَ " تُضَارُّونَ " و " تُضَارُونَ ". فَإِمَّا أَنْ يُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ وَيُقَالَ: " لَا تضامون " أَيْ لَا تَضُمُّكُمْ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ التَّضَامَّ انْضِمَامُ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ. فَهُوَ " تَفَاعُلٌ " كَالتَّمَاسِّ وَالتَّرَادِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يُرْوَى " لَا تضامون " بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ لَا يُضَامُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ مِنْ " التَّضَامِّ " الَّذِي هُوَ مُضَامَّةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لَيْسَ هُوَ أَنَّ شَيْئًا آخَرَ لَا يَضُمُّكُمْ فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُقَالُ فِيهِ " لَا تضامون " فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ " لَا يَضُمُّكُمْ شَيْءٌ " ثُمَّ يُقَالُ: الرَّاءُونَ كُلُّهُمْ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْضِ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَرْئِيَّ لَيْسَ فِي جِهَةٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: " لَا تَضُمُّكُمْ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ " وَهُمْ كُلُّهُمْ عَلَى الْأَرْضِ أَرْضِ الْقِيَامَةِ أَوْ فِي الْجَنَّةِ وَكُلُّ ذَلِكَ جِهَةٌ وَوُجُودُهُمْ نَفْسُهُمْ لَا فِي جِهَةٍ وَمَكَانٍ مُمْتَنِعٌ حِسًّا وَعَقْلًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " هُوَ يُرَى لَا فِي جِهَةٍ فَكَذَلِكَ يَرَاهُ غَيْرُهُ فَهَذَا تَمْثِيلٌ بَاطِلٌ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَرَى بَدَنَهُ وَلَا يُمْكِنَ أَنْ يَرَى غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجِهَةِ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَمَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِيًا أَوْ سَافِلًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015