مجموع الفتاوي (صفحة 8052)

فصل: في أن قوله تعالى: " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا " الآية، يشبه قوله: " ولما ضرب ابن مريم مثلا " الآيتان

سُورَةُ الزُّخْرُفِ

وَقَالَ:

فَصْلٌ:

قَوْلُهُ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} يُشْبِهُ قَوْلَهُ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ الْمَثَلِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَسِيحَ ابْنَهُ. وَالْمَلَائِكَةَ بَنَاتَه وَالْوَلَدُ يُشْبِهُ أَبَاهُ فَجَعَلُوهُ لِلَّهِ شَبِيهًا وَنَظِيرًا. أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْمَسِيحِ أَنَّهُ مَثَلٌ لِآلِهَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ضَارِبُهُ كَضَارِبِ الْمَثَلِ لِلرَّحْمَنِ وَهُمْ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ ضَارِبُهُ هُوَ الَّذِي عَارَضَ بِهِ قَوْلَهُ: {إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} فَلَمَّا قَالَ ابْنُ الزبعرى: لَأَخْصِمَن مُحَمَّدًا. فَعَارَضَهُ بِالْمَسِيحِ وَنَاقَضَهُ بِهِ كَانَ قَدْ ضَرَبَهُ مَثَلًا قَاسَ الْآلِهَةَ عَلَيْهِ وَيَتَرَجَّحُ هَذَا بِقَوْلِهِ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إلَّا جَدَلًا} فَعُلِمَ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015