الْجُزْءُ الْسَادِسِ عَشَرَ
كِتَابُ الْتَفْسِيرِ
الْجُزْءُ الْثَالِثُ
من سُورَةِ الزُّمَرِ إِلَى سُورَةِ الْإِخْلَاصِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.
سُورَةُ الزُّمَرِ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -:
فَصْلٌ:
قَدْ قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ الْقُرْآنُ كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} وَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْقَوْلِ الْمَعْهُودِ؛ فَإِنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا إنَّمَا تَضَمَّنَتْ مَدْحَ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعَهُ وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ عَلَى سَمَاعِ الْغِنَاءِ وَغَيْرِهِ وَجَعَلَهَا عَامَّةً وَبَيَّنَّا أَنَّ تَعْمِيمَهَا فِي كُلِّ قَوْلٍ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَهُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: {يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ