بِهِ: أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ إلَّا بِمَا يَرْوِيهِ لَا بِمُجَرَّدِ مَا يَرَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أَقْرَأَ: {إنْ هَذَانِ} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ لَهَا وَجْهًا مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ خَطَّأَ أَبَا عَمْرٍو فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَمِنْهُمْ الزَّجَّاجُ قَالَ: لَا أُجِيزُ قِرَاءَةَ أَبِي عَمْرٍو خِلَافَ الْمُصْحَفِ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُوَافِقَةُ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ فَاحْتَجَّ لَهَا كَثِيرٌ مِنْ النُّحَاةِ بِأَنَّ هَذِهِ لُغَةَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ المهدوي: بَنُو الْحَارِثِ بْنُ كَعْبٍ يَقُولُونَ: ضَرَبْت الزَّيْدَانِ وَمَرَرْت بِالزَّيْدَانِ كَمَا تَقُولُ: جَاءَنِي الزَّيْدَان: قَالَ المهدوي: حَكَى ذَلِكَ أَبُو زَيْدٍ وَالْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا لُغَةُ بَنِي كِنَانَةَ وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّهَا لُغَةٌ لخثعم وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذُنَاهُ ضَرْبَةً ... دَعَتْهُ إلَى هَاوِي التُّرَابِ عَقِيمٌ
وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هِيَ لُغَةٌ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَقُرَيْشٍ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ - وَهُوَ رَأْسٌ مِنْ رُءُوسِ الرُّوَاةِ - أَنَّهَا لُغَةٌ لكنانة يَجْعَلُونَ أَلِفَ الِاثْنَيْنِ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَنْشَدُوا:
فَأَطْرَقَ إطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَجِدْ ... مَسَاغًا لناباه الشُّجَاعِ لَصَمَّمَا