بَلْ قَصْدُهُ تَأْوِيلُ الْآيَةِ بِمَا يَدْفَعُ خَصْمَهُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَهَؤُلَاءِ يَقَعُونَ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّحْرِيفِ وَلِهَذَا جَوَّزَ مِنْ جَوَّزَ مِنْهُمْ أَنْ تَتَأَوَّلَ الْآيَةُ بِخِلَافِ تَأْوِيلِ السَّلَفِ وَقَالُوا: إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ جَازَ لِمَنْ بَعْدِهِمْ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَحْكَامِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهَذَا خَطَأٌ فَإِنَّهُمْ إذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ إمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِإِجْمَاعِهِمْ؛ وَلَكِنَّ هَذِهِ طَرِيقُ مَنْ يَقْصِدُ الدَّفْعَ لَا يَقْصِدُ مَعْرِفَةَ الْمُرَادِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَضِلَّ الْأُمَّةُ عَنْ فَهْمِ الْقُرْآنِ وَيَفْهَمُونَ مِنْهُ كُلُّهُمْ غَيْرَ الْمُرَادِ [وَيَأْتِي] (?) مُتَأَخِّرُونَ يَفْهَمُونَ الْمُرَادَ فَهَذَا هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
وَقَوْلُهُ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} كَمَا تَقَدَّمَ هُوَ كَقَوْلِهِ: {قُلْ إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} وَقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} وَقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} وَقَوْلِهِ {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} .