مجموع الفتاوي (صفحة 7099)

فصل: في أن كل مخلوق محتاج إليه

اسم العبد يتناول معنيين: بمعنى العابد كرها والعابد طوعا

فَصْلٌ:

إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ وَكُلَّ مَخْلُوقٍ فَقِيرٌ إلَى اللَّهِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لَيْسَ فَقِيرًا إلَى سِوَاهُ فَلَيْسَ هُوَ مُسْتَغْنِيًا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِ رَبِّهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ فَقِيرٌ أَيْضًا مُحْتَاجٌ إلَى اللَّهِ وَمِنْ الْمَأْثُورِ عَنْ أَبِي يَزِيدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْغَرِيقِ بِالْغَرِيقِ. وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ أَنَّهُ قَالَ: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْمَسْجُونِ بِالْمَسْجُونِ. وَهَذَا تَقْرِيبٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَاسْتِغَاثَةِ الْعَدَمِ بِالْعَدَمِ؛ فَإِنَّ الْمُسْتَغَاثَ بِهِ إنْ لَمْ يَخْلُقْ الْحَقُّ فِيهِ قُوَّةً وَحَوْلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ قَالَ سُبْحَانَهُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .

وَاسْمُ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُ مَعْنَيَيْنِ. " أَحَدَهُمَا " بِمَعْنَى الْعَابِدِ كَرْهًا كَمَا قَالَ: {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} وَقَالَ: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} وَقَالَ: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {كُلٌّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015