مجموع الفتاوي (صفحة 6961)

فَالْقَسَمُ إمَّا عَلَى جُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ وَهُوَ الْغَالِبُ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ} . وَإِمَّا عَلَى جُمْلَةٍ طَلَبِيَّةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَسَمَ قَدْ يُرَادُ بِهِ تَحْقِيقُ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَحْضُ الْقَسَمِ. وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ يُرَادُ بِالْقَسَمِ تَوْكِيدُهُ وَتَحْقِيقُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْسُنُ فِيهِ ذَلِكَ كَالْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَالْخَفِيَّةِ إذَا أَقْسَمَ عَلَى ثُبُوتِهَا. فَأَمَّا الْأُمُورُ الْمَشْهُودَةُ الظَّاهِرَةُ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ فَهَذِهِ يُقْسِمُ بِهَا وَلَا يُقْسِمُ عَلَيْهَا وَمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ مِنْ آيَاتِهِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُقْسَمًا بِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَذْكُرُ جَوَابَ الْقَسَمِ تَارَةً وَهُوَ الْغَالِبُ. وَتَارَةً يَحْذِفُهُ كَمَا يُحْذَفُ جَوَابُ لَوْ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} {وَلَوْ تَرَى إذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} {وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} {وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} {وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} . وَمِثْلُ هَذَا حَذْفُهُ مِنْ أَحْسَنِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّك لَوْ رَأَيْته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015