مجموع الفتاوي (صفحة 6767)

فصل: فههنا ثلاثة أشياء: أحدها: الظن الراجح في نفس المستدل المجتهد. . . إلخ

فَصْلٌ:

فَهَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ " أَحَدُهَا " الظَّنُّ الرَّاجِحُ فِي نَفْسِ الْمُسْتَدِلِّ الْمُجْتَهِدِ. و " الثَّانِي " الْأَدِلَّةُ - الَّتِي يُسَمِّيهَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَمَارَاتٍ - الَّتِي تَعَارَضَتْ وَعَلِمَ الْمُسْتَدِلُّ بِأَنَّ الَّتِي أَوْجَبَتْ ذَلِكَ الظَّنَّ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهَا. " الثَّالِثُ " أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي عَامَّةِ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَسْمَعُ نَصًّا عَامًّا كَمَا سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ وَأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ أَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِير وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَهَذَا رَاجِحٌ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ النَّافِي لِلتَّحْرِيمِ فَعَمِلُوا بِهَذَا الرَّاجِحِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ قَطْعًا أَنَّ النَّهْيَ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِصْحَابِ؛ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ دَلِيلٌ خَاصٌّ؛ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَعْلَمُوهُ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَعْدِلُوا عَمَّا عَلِمُوهُ إلَى مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ فَكَانُوا يُفْتُونَ بِأَنَّ الْحَائِضَ عَلَيْهَا الْوَدَاعُ وَعَلَيْهَا قَطْعُ الْخُفَّيْنِ وَأَنَّ قَلِيلَ الْحَرِيرِ وَكَثِيرَهُ حَرَامٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015