وَنَصْرَهَا وَغَلِطُوا فِيمَا سَلَكُوهُ فَإِنَّ النَّصْرَ لَا يَكُونُ بِتَكْذِيبِ الْحَقِّ وَذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُحَقِّقُوا خَاصَّةَ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَالْأَشْعَرِيَّةُ مَا رَدُّوهُ مِنْ بِدَعِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِمْ وَبَيَّنُوا مَا بَيَّنُوهُ مِنْ تَنَاقُضِهِمْ وَعَظَّمُوا الْحَدِيثَ وَالسُّنَّةَ وَمَذْهَبَ الْجَمَاعَةِ فَحَصَلَ بِمَا قَالُوهُ مِنْ بَيَانِ تَنَاقُضِ أَصْحَابِ الْبِدَعِ الْكِبَارِ وَرَدِّهِمْ مَا انْتَفَعَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ. فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَقِيَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَقْرَأُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الجبائي فَلَمَّا انْتَقَلَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ كَانَ خَبِيرًا بِأُصُولِهِمْ وَبِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَبَيَانِ تَنَاقُضِهِمْ [وَأَمَّا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السُّنَّةِ] (*) فَلَيْسَ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْمُعْتَزِلَةِ بَلْ هُوَ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَهْمِيَّة وَأَمَّا خَصَائِصُ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَمْ يُوَالِهِمْ الْأَشْعَرِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ بَلْ نَاقَضَهُمْ فِي جَمِيعِ أُصُولِهِمْ وَمَالَ فِي " مَسَائِلِ الْعَدْلِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ " إلَى مَذْهَبِ جَهْمٍ وَنَحْوِهِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الطَّوَائِفِ " كالنجارية " أَتْبَاعِ حُسَيْنٍ النَّجَّارِ و " الضرارية " أَتْبَاعِ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو يُخَالِفُونَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي الْقَدَرِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَإِنْفَاذِ الْوَعِيدِ. وَالْمُعْتَزِلَةُ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْكَشْفِ وَالْخَوَارِقِ وَالصُّوفِيَّةِ يَذُمُّونَهَا وَيَعِيبُونَهَا.