رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَمَنْ اتَّبَعَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كَانَ مِنْهُمْ وَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأُولَئِكَ خَيْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ} . وَلِهَذَا كَانَ مَعْرِفَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَأَعْمَالِهِمْ خَيْرًا وَأَنْفَعَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَقْوَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَعْمَالِهِمْ فِي جَمِيعِ عُلُومِ الدِّينِ وَأَعْمَالِهِ كَالتَّفْسِيرِ وَأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ خَيْرٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَعْرِفَةُ إجْمَاعِهِمْ وَنِزَاعِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ خَيْرٌ وَأَنْفَعُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا يُذْكَرُ مِنْ إجْمَاعِ غَيْرِهِمْ وَنِزَاعِهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَهُمْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعْصُومًا وَإِذَا تَنَازَعُوا فَالْحَقُّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ فَيُمْكِنُ طَلَبُ الْحَقِّ فِي بَعْضِ أَقَاوِيلِهِمْ وَلَا يُحْكَمُ بِخَطَأِ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ حَتَّى يَعْرِفَ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ