مجموع الفتاوي (صفحة 5369)

تنازع الناس في طريقة الصوفية، والصواب فيها

مَعْنَى الصِّدِّيقِ وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ الصِّدِّيقُونَ. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَلِهَذَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الصُّوفِيِّ؛ لَكِنْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَوْعٌ مِنْ الصِّدِّيقِينَ فَهُوَ الصِّدِّيقُ الَّذِي اخْتَصَّ بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اجْتَهَدُوا فِيهِ فَكَانَ الصِّدِّيقُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّرِيقِ كَمَا يُقَالُ: صِدِّيقُو الْعُلَمَاءِ وَصِدِّيقُو الْأُمَرَاءِ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الصِّدِّيقِ الْمُطْلَقِ وَدُونَ الصِّدِّيقِ الْكَامِلِ الصديقية مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ. فَإِذَا قِيلَ عَنْ أُولَئِكَ الزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ: إنَّهُمْ صِدِّيقُونَ فَهُوَ كَمَا يُقَالُ عَنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إنَّهُمْ صِدِّيقُونَ أَيْضًا كُلٌّ بِحَسَبِ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَقَدْ يَكُونُونَ مِنْ أَجْلِ الصِّدِّيقِينَ بِحَسَبِ زَمَانِهِمْ فَهُمْ مِنْ أَكْمَلِ صِدِّيقِي زَمَانِهِمْ وَالصِّدِّيقُ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْهُمْ وَالصِّدِّيقُونَ دَرَجَاتٌ وَأَنْوَاعٌ؛ وَلِهَذَا يُوجَدُ لِكُلِّ مِنْهُمْ صِنْفٌ مِنْ الْأَحْوَالِ وَالْعِبَادَاتِ حَقَّقَهُ وَأَحْكَمَهُ وَغَلَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَكْمَلَ مِنْهُ وَأَفْضَلَ مِنْهُ. وَلِأَجْلِ مَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي طَرِيقِهِمْ؛ فَطَائِفَةٌ ذَمَّتْ " الصُّوفِيَّةَ وَالتَّصَوُّفَ ". وَقَالُوا: إنَّهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015