نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُعْرَفُوا فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. وَأَمَّا " الْقِسْمُ الثَّانِي " و " الثَّالِثُ " فَمَظِنَّةُ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُنَافِي أُصُولَ الْإِيمَانِ مِثْلَ الْمَعَاصِي الطَّبْعِيَّةِ؛ مِثْلَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ} وَكَمَا شَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِلرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَكَانَ يَجْلِدُهُ كُلَّمَا جِيءَ بِهِ فَلَعَنَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: {لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَفِي رِوَايَةٍ {قَالَ بَعْضُهُمْ: أَخْزَاهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ} وَهَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلِهَذَا قَالَ: {إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ} وَالْعَفْوُ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ إنَّمَا وَقَعَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْعَفْوَ هُوَ فِيمَا يَكُونُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَقْدَحُ فِي الْإِيمَانِ فَأَمَّا مَا نَافَى الْإِيمَانَ فَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَافَى الْإِيمَانَ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مِنْ