مجموع الفتاوي (صفحة 5284)

الحب بين الله وبين عباده متبادل

الدُّنْيَا شَوْقًا إلَيْهِ وَكَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَافَقُوا السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ وَالْمَشَايِخَ عَلَى التَّنَعُّمِ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى تَنَازَعُوا فِي " مَسْأَلَةِ الْمَحَبَّةِ " الَّتِي هِيَ أَصْلُ ذَلِكَ؛ فَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنْ. . . (?) وَالْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُحَبُّ نَفْسُهُ وَإِنَّمَا الْمَحَبَّةُ مَحَبَّةُ طَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ؛ وَقَالُوا: هُوَ أَيْضًا لَا يُحِبُّ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَإِنَّمَا مَحَبَّتُهُ إرَادَتُهُ لِلْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ وَوِلَايَتُهُمْ. وَدَخَلَ فِي هَذَا الْقَوْلِ مَنْ انْتَسَبَ إلَى نَصْرِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِك وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَبِي الْمَعَالِي الجُوَيْنِي وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ. وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ شُعْبَةٌ مِنْ التَّجَهُّمِ وَالِاعْتِزَالِ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَنْكَرَ " الْمَحَبَّةَ " فِي الْإِسْلَامِ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ أُسْتَاذُ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ؛ فَضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ. وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا؛ وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَمَشَايِخُ الطَّرِيقِ: أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ وَيُحَبُّ. وَلِهَذَا وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَنْ تَصَوَّفَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015