فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ لَيَكُونَنَّ إلَى السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ لَيَكُونَنَّ إلَى الشَّقَاوَةِ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فييسرون لِلسَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فييسرون لِلشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} } أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ " {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نسترقي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ} . وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَقَدُّمَ الْعِلْمِ وَالْكِتَابِ بِالسَّعِيدِ وَالشَّقِيِّ لَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ سَعَادَةُ هَذَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَشَقَاوَةُ هَذَا بِالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ الْأُمُورَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يَكْتُبُهَا؛ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّعِيدَ يَسْعَدُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالشَّقِيَّ يَشْقَى بِالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ فَمَنْ كَانَ سَعِيدًا يُيَسَّرُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تَقْتَضِي السَّعَادَةَ؛ وَمَنْ كَانَ شَقِيًّا يُيَسَّرُ لِلْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ