مجموع الفتاوي (صفحة 4310)

سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} فَأَخْبَرَ بِمَا مَكَّنَهُمْ فِيهِ مِنْ أَصْنَافِ الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ. وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ حَيْثُ جَحَدُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَهِيَ الرِّسَالَةُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا رُسُلَهُ. وَلِهَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ الشَّيْخِ الحصيري عَنْ وَالِدِهِ الشَّيْخِ الحصيري (*) - شَيْخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمَنِهِ - قَالَ: كَانَ فُقَهَاءُ بخارى يَقُولُونَ فِي ابْنِ سِينَا: كَانَ كَافِرًا ذَكِيًّا. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} الْآيَةُ وَالْقُوَّةُ تَعُمُّ قُوَّةَ الْإِدْرَاكِ النَّظَرِيَّةَ وَقُوَّةَ الْحَرَكَةِ الْعَمَلِيَّةَ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} فَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ فِي الْكَمِّ وَالْكَيْفِ وَأَنَّهُمْ أَشَدَّ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي آثَارِهِمْ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} - إلَى قَوْلِهِ - {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ} . وَقَالَ تَعَالَى: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015