مجموع الفتاوي (صفحة 4304)

ليس في حكمة المناطقة الأمر بعلادة الله وحده

أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكُوا اتِّبَاعَ آيَاتِهِ يُصِيبُهُمْ مَا ذَكَرْنَا. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَصْلَ السَّعَادَةِ وَأَصْلَ النَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ هُوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَيْسَتْ فِي حِكْمَتِهِمْ وَفَلْسَفَتِهِمْ الْمُبْتَدَعَةِ لَيْسَ فِيهَا الْأَمْرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَالنَّهْيُ عَنْ عِبَادَةِ الْمَخْلُوقَاتِ. بَلْ كُلُّ شِرْكٍ فِي الْعَالَمِ إنَّمَا حَدَثَ بِرَأْيِ جِنْسِهِمْ إذْ بَنَوْهُ عَلَى مَا فِي الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ مِنْ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ وَإِنَّ صِنَاعَةَ الطَّلَاسِمِ وَالْأَصْنَامِ وَالتَّعَبُّدَ لَهَا يُورِثُ مَنَافِعَ وَيَدْفَعُ مَضَارَّ. فَهُمْ الْآمِرُونَ بِالشِّرْكِ وَالْفَاعِلُونَ لَهُ. وَمَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالشِّرْكِ مِنْهُمْ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ بَلْ يُقِرُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ رَجَحَ الْمُوَحِّدُونَ تَرْجِيحًا مَا. فَقَدْ يُرَجِّحُ غَيْرُهُ الْمُشْرِكِينَ. وَقَدْ يُعْرِضُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ نَافِعٌ جِدًّا. وَلِهَذَا كَانَ رُءُوسُهُمْ الْمُتَقَدِّمُونَ والمتأخرون يَأْمُرُونَ بِالشِّرْكِ. فَالْأَوَّلُونَ يُسَمُّونَ الْكَوَاكِبَ الْآلِهَةَ الصُّغْرَى وَيَعْبُدُونَهَا بِأَصْنَافِ الْعِبَادَاتِ. كَذَلِكَ كَانُوا فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْهَوْنَ عَنْ الشِّرْكِ وَيُوجِبُونَ التَّوْحِيدَ؛ بَلْ يُسَوِّغُونَ الشِّرْكَ أَوْ يَأْمُرُونَ بِهِ أَوْ لَا يُوجِبُونَ التَّوْحِيدَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015