مجموع الفتاوي (صفحة 4257)

فصل: في قول القائل: إن الأنبياء والأولياء لم يطلبوا رزقا

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَطْلُبُوا رِزْقًا. فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ عَامَّةُ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا يَفْعَلُونَ أَسْبَابًا يَحْصُلُ بِهَا الرِّزْقُ؛ كَمَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي؛ وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ} . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ أَفْضَلَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ} وَكَانَ دَاوُد يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَكَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ وَكَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا وَكَانَ الْخَلِيلُ لَهُ مَاشِيَةٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى إنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ لِلضَّيْفِ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُهُمْ عِجْلًا سَمِينًا؛ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْيَسَارِ. وَخِيَارُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَوَكِّلِينَ: الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - - أَفْضَلُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَوَكِّلِينَ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ. وَكَانَ عَامَّتُهُمْ يَرْزُقُهُمْ اللَّهُ بِأَسْبَابِ يَفْعَلُونَهَا كَانَ الصِّدِّيقُ تَاجِرًا؛ وَكَانَ يَأْخُذُ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَغْنَمِ؛ وَلَمَّا وَلِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015