عَلَى أَنَّهُ عَالِمٌ بِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهَا عِنْدَهُمْ؛ فَقَدْ يُنَازِعُهُمْ إخْوَانُهُمْ الْقَدَرِيَّةُ فِي عِلْمِهِ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ وَلَا يُمْكِنُهُمْ الِاحْتِجَاجُ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ يَقُولُونَ عِلْمُهُ بِهَا مَعَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ يَقْتَضِي تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ لِأَنَّ خِلَافَ الْمَعْلُومِ مُمْتَنِعٌ فَلَا يَكُونُ عَالِمًا بِهَا فَيُلْزِمُونَهُمْ بِنَفْيِ التَّقْدِيرِ السَّابِقِ.
فَصْلٌ:
وَقَوْلُهُ:
أَوْ كَانَ فَاللَّازِمُ مِنْ كَوْنِهِ ... حُدُوثُهُ وَالْقَوْلُ مَهْجُورُ
كَأَنَّهُ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَوْ كَانَ اللَّهُ مُقَدِّرًا لَهَا عَالِمًا بِهَا فَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا بِهَا مُقَدِّرًا لَهَا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ حُدُوثُ الْعِلْمِ بِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّبُّ عَالِمًا بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَلَا مُقَدِّرًا لَهَا حَتَّى فُعِلَتْ وَهَذَا الْقَوْلُ مَهْجُورٌ بَاطِلٌ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَى بُطْلَانِهِ سَلَفُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ كَفَّرُوا مَنْ قَالَهُ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَعَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ تُبَيِّنُ فَسَادَهُ. فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا يَكُونُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بَلْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَغَيْرِ مَلَائِكَتِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ