مجموع الفتاوي (صفحة 4186)

فصل: في أن السلف والأئمة متفقون على الإيمان بالقدر، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا حجة لأحد على الله في ترك مأمور ولا فعل محظور

فَصْلٌ:

وَأَمَّا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ كَمَا أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى إثْبَاتِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لِأَحَدِ عَلَى اللَّهِ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ وَلَا فِعْلِ مَحْظُورٍ. فَهُمْ أَيْضًا مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ حَكِيمٌ رَحِيمٌ وَأَنَّهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا} . وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ حِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ. وَالْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ يُنْكِرُونَ حِكْمَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَيَقُولُونَ: لَيْسَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَوَامِرِهِ لَامُ كَيْ: لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لِشَيْءِ وَلَا يَأْمُرُ بِشَيْءِ لِشَيْءِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ سَلَكُوا مَسْلَكَ جَهْمٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ وَإِنْ خَالَفُوهُ فِي بَعْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015