مجموع الفتاوي (صفحة 4177)

بيان أن حجة المشركين بالله، ودفعهم أمره ونهيه بالقدر داحضة

قول الفلاسفة القائلين بقدم العالم أعظم كفرا من مشركي العرب

إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} فَحُجَّةُ الْمُشْرِكِينَ فِي شِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ وَجَعْلِهِمْ لَهُ وَلَدًا وَفِي دَفْعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ بِالْقَدَرِ دَاحِضَةٌ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَمَا يُنَاسِبُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَبَيِّنٌ أَنَّ قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ - الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ مُوجَبٍ بِالذَّاتِ مُتَوَلَّدٌ عَنْ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ الْعُلْوِيَّةَ وَيَصْنَعُونَ لَهَا التَّمَاثِيلَ السُّفْلِيَّةَ: كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ - أَعْظَمُ كُفْرًا وَضَلَالًا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَكِنْ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَأَشْرَكُوا بِهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا. وَكَذَلِكَ المباحية الَّذِينَ يُسْقِطُونَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ مُطْلَقًا وَيَحْتَجُّونَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مَعَ كُفْرِهِمْ يُقِرُّونَ بِنَوْعِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَلَكِنْ كَانَ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ بِخِلَافِ المباحية الْمُسْقِطَةِ لِلشَّرَائِعِ مُطْلَقًا فَإِنَّمَا يَرْضَوْنَ بِمَا تَهْوَاهُ أَنْفُسُهُمْ وَيَغْضَبُونَ لِمَا تَهْوَاهُ أَنْفُسُهُمْ لَا يَرْضُونَ لِلَّهِ وَلَا يَغْضَبُونَ لِلَّهِ وَلَا يُحِبُّونَ لِلَّهِ وَلَا يَغْضَبُونَ لِلَّهِ وَلَا يَأْمُرُونَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015