مجموع الفتاوي (صفحة 4172)

فصل: في بيان من احتج بالقدر على ترك المأمور أو فعل المحظور أو دفع ما جاءت به النصوص في الوعد والوعيد

الْأُصُولِ كَثِيرَةٌ: مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ الْكَثِيرَةِ عَلَى ذَلِكَ.

فَصْلٌ:

وَسَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا مُتَّفِقُونَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ مَأْمُورُونَ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ مَنْهِيُّونَ عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْهُ وَمُتَّفِقُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ الَّذِي نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمُتَّفِقُونَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لِأَحَدِ عَلَى اللَّهِ فِي وَاجِبٍ تَرَكَهُ وَلَا مُحَرَّمٍ فَعَلَهُ بَلْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى عِبَادِهِ وَمَنْ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ أَوْ دَفْعِ مَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فَهُوَ أَعْظَمُ ضَلَالًا وَافْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَمُخَالَفَةً لِدِينِ اللَّهِ مِنْ أُولَئِكَ الْقَدَرِيَّةِ فَإِنَّ أُولَئِكَ مُشَبَّهُونَ بِالْمَجُوسِ وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ وَقَدْ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَلَكِنْ طَائِفَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ طَعَنُوا فِي صِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ النَّافِيَةَ يُشْبِهُونَ الْمَجُوسَ فِي كَوْنِهِمْ أَثْبَتُوا غَيْرَ اللَّهِ يُحْدِثُ أَشْيَاءَ مِنْ الشَّرِّ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015