مجموع الفتاوي (صفحة 4157)

سئل: عن العبد، هل يقدر أن يفعل الطاعة إذا أراد أم لا؟ وإذا أراد ترك المعصية يكون قادرا على ذلك أم لا؟ وإذا فعل الخير نسبه إلى الله، وإذا فعل الشر نسبه إلى نفسه؟

سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْعَبْدِ: هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ الطَّاعَةَ إذَا أَرَادَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَعْصِيَةَ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى تَرْكِهَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا فَعَلَ الْخَيْرَ نَسَبَهُ إلَى اللَّهِ وَإِذَا فَعَلَ الشَّرَّ نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ؟ .

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَعَمْ إذَا أَرَادَ الْعَبْدُ الطَّاعَةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ إرَادَةً جَازِمَةً كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ تَرْكَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إرَادَةً جَازِمَةً كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَسَائِرُ أَهْلِ الْمِلَلِ حَتَّى أَئِمَّةُ الْجَبْرِيَّةِ بَلْ هَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ غُلَاةِ " الْجَبْرِيَّةِ " الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْأَمْرَ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَيَحْتَجُّونَ بِأَمْرِهِ أَبَا لَهَبٍ: بِأَنَّهُ يُؤْمِنُ بِمَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ إيمَانِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ: كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَغَيْرِهِمْ وَخِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْكَلَامِ مِنْ أَهْلِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. فَأَمَّا إجْمَاعُ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ عَلَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُثْبِتَةُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015