مجموع الفتاوي (صفحة 4144)

القول بأن حروف القرآن ليست من كلام الله، وأن كلام الله إنما هو معنى قائم بذاته قول فاسد، وأول من أحدثه ابن كلاب

وَأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِهِ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَهَذَا الْكَلَامُ فَاسِدٌ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَالنَّقْلِ الصَّحِيحِ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ هُوَ الْأَمْرَ بِكُلِّ مَأْمُورٍ وَالْخَبَرَ عَنْ كُلِّ مُخْبِرٍ وَلَا يَكُونُ مَعْنَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَاحِدًا وَهُمْ يَقُولُونَ: إذَا عُبِّرَ عَنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ صَارَ قُرْآنًا وَإِذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ صَارَ تَوْرَاةً وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ التَّوْرَاةَ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَمَعَانِيهَا لَيْسَتْ هِيَ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ وَلَيْسَتْ مَعَانِيهِ هِيَ مَعَانِي التَّوْرَاةِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ ابْنُ كُلَّابٍ وَلَكِنَّهُ هُوَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ عَلَيْهِ: كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ يَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّ الْقُرْآنَ مَحْفُوظٌ بِالْقُلُوبِ حَقِيقَةً مَتْلُوٌّ بِالْأَلْسُنِ حَقِيقَةً مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ حَقِيقَةً. وَمِنْهُمْ مَنْ يُمَثِّلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِالْقُلُوبِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَعْلُومٌ بِالْقُلُوبِ وَمَتْلُوٌّ بِالْأَلْسُنِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَذْكُورٌ بِالْأَلْسُنِ وَمَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ كَمَا أَنَّ اللَّهَ مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ وَهَذَا غَلَطٌ فِي تَحْقِيقِ مَذْهَبِ ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ فَإِنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَهُمْ مَعْنَى عِبَارَةٍ عَنْهُ وَالْحَقَائِقُ لَهَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: وُجُودٌ عَيْنِيٌّ وَعِلْمِيٌّ وَلَفْظِيٌّ، وَرَسْمِيٌّ. فَلَيْسَ الْعِلْمُ بِالْمَعْنَى لَهُ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَلَيْسَ ثُبُوتُهُ فِي الْكِتَابِ كَثُبُوتِ الْأَعْيَانِ فِي الْكِتَابِ فَزَادَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ قُبْحًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015