فَإِذَا قِيلَ: خَلَقَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَبْدَعَ إبْدَاعًا مُقَدَّرًا وَلَمَّا كَانَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَبْدَعَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْعَدَمِ وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرًا صَحَّ إضَافَةُ الْخَلْقِ إلَيْهِ بِالْقَوْلِ الْمُطْلَقِ. وَالتَّقْدِيرُ فِي الْمَخْلُوقِ لَازِمٌ إذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْدِيدِهِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِ وَهَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ لَا كَمَا زَعَمَ مَنْ حَسِبَ أَنَّ الْخَلْقَ فِي. . . (1) ذَوَاتِ الْمِسَاحَةِ وَهِيَ الْأَجْسَامُ مُفَرِّقًا بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَوْلٌ بَاطِلٌ مُبْتَدَعٌ وَالْأَمْرُ هُوَ كَلَامُهُ كَمَا فَسَّرَهُ الْأَوَّلُونَ وَالْخَلْقُ مُفَسَّرٌ. . . (2) يَجْعَلُ الْخَلْقَ بِإِزَاءِ إبْدَاعِ الصُّوَرِ الذِّهْنِيَّةِ وَتَقْدِيرِهَا وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ. . . (3) اخْتِلَافًا إذْ هُوَ صُوَرٌ ذِهْنِيَّةٌ لَيْسَ لَهَا حَقِيقَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الذِّهْنِ وَ. . . (4) جَعْلُ الْخَلْقِ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ فَقَطْ مَقْطُوعًا عَنْهُ النَّظَرُ إلَى الْإِبْدَاعِ بِمَا قَالَ. . . (5) سُدًى مَا خَلَقْت وَكَمَا قَالَ عَلِيٌّ فِي تِمْثَالٍ صَنَعَهُ: أَنَا خَلَقْته وَالْفَرْقُ. . . (6) الْأُولَى مِنْ حَيْثُ إنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ مُبْتَدَعَةٌ لَكَانَ قَوْلًا. . . (7) يَكُونُ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَحَّ وَصْفُهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا الْكَسْبُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى تَأْثِيرِهِ فِي مَحَلِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ حَتَّى يُقَالَ: الثَّوْبُ قَدْ اُكْتُسِبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَالْمَسْجِدُ قَدْ اكْتَسَبَ الْحُرْمَةَ مِنْ أَفْعَالِ الْعَابِدِينَ وَالْجِلْد قَدْ اكْتَسَبَ الْحُرْمَةَ لِمُجَاوَرَةِ الْمُصْحَفِ وَالثَّمَرَةُ قَدْ اكْتَسَبَتْ لَوْنًا وَرِيحًا وَطَعْمًا فَكُلُّ مَحَلٍّ تَأَثَّرَ عَنْ شَيْءٍ مُؤَثِّرًا وَمُلَائِمًا وَمُنَافِرًا صَحَّ وَصْفُهُ بِالِاكْتِسَابِ بِنَاءً عَلَى تَأَثُّرِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَتَحَوُّلِهِ