مجموع الفتاوي (صفحة 4024)

أصناف الناس فيما يظنه البعض من أن آدم احتج بالقدر السابق على نفي الملام على الذنب

لِذَنْبِكَ} فَأَمَرَ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ المعائب. وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي آدَمَ اضْطَرَبُوا فِي " هَذَا الْمَقَامِ - مَقَامِ تَعَارُضِ الْأَمْرِ وَالْقَدَرِ - وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ. وَ " الْمَقْصُودُ هُنَا " أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: {احْتَجَّ آدَمَ وَمُوسَى: فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمَ؟ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ الَّذِي خَلَقَك اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيك مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ فَلِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمَ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي كَلَّمَك اللَّهُ تَكْلِيمًا وَكَتَبَ لَك التَّوْرَاةَ. فَبِكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ فَحَجَّ آدَمَ مُوسَى} . وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِإِسْنَادِ حَسَنٍ وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ آدَمَ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ السَّابِقِ عَلَى نَفْيِ الْمَلَامِ عَلَى الذَّنْبِ. ثُمَّ صَارُوا لِأَجْلِ هَذَا الظَّنِّ " ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ ":

فَرِيقٌ كَذَّبُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ: كَأَبِي عَلِيٍّ الجبائي وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْحَدِيثِ وَيَجِبُ تَنْزِيهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَجْعَلُوا الْقَدَرَ حُجَّةً لِمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015