مجموع الفتاوي (صفحة 3837)

مذهب السلف: أن العبد فاعل حقيقة وله مشيئة وقدرة مع قولهم: الله خلق كل شيء

لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وَعِنْدَهُمْ لَيْسَ الْحَسَنَاتُ الْمَفْعُولَةُ وَلَا السَّيِّئَاتُ الْمَفْعُولَةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بَلْ كِلَاهُمَا مِنْ الْعَبْدِ وقَوْله تَعَالَى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ الْحَسَنَةَ الْمَفْعُولَةَ وَالسَّيِّئَةَ الْمَفْعُولَةَ مِنْ الْعَبْدِ لَا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ احْتَجَّ مِنْ مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ بِالْآيَةِ عَلَى إثْبَاتِهِ إذَا احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} كَانَ مُخْطِئًا؛ فَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ الْحَسَنَةُ مِنْ اللَّهِ وَالسَّيِّئَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ طَوَائِفِ النَّاسِ؛ أَنَّ الْحَسَنَةَ الْمَفْعُولَةَ مِنْ اللَّهِ وَالسَّيِّئَةَ الْمَفْعُولَةَ مِنْ الْعَبْدِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ نَفْسَ فِعْلِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْإِثْبَاتِ: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ وَمَفْعُولٌ لَهُ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ أَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْمُتَحَرِّكُ بِالْأَفْعَالِ وَبِهِ قَامَتْ وَمِنْهُ نَشَأَتْ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ هَذَا {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} يَمْتَنِعُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْإِثْبَاتِ لَا يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ خَالِقُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى؛ بَلْ يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ خَالِقٌ لِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَكُلِّ الْحَوَادِثِ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَذْهَبَ سَلَفِ الْأُمَّةِ - مَعَ قَوْلِهِمْ: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015