فَقَالَ: نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ أَرْجُو فَقَالَ: هَلَّا وَكَلَ الْأُولَى كَمَا وَكَلَ الثَّانِيَةَ وَمَنْ اسْتَثْنَى خَوْفًا مِنْ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ أَوْ مَدْحِهَا أَوْ تَعْلِيقِ الْأُمُورِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ جَزَمَ بِمَا يَعْلَمُهُ أَيْضًا فِي نَفْسِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ فَهُوَ مُصِيبٌ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَصْلَ شُبْهَةِ هَؤُلَاءِ " الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ " كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ ثَغْرِ عَسْقَلَانَ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهَا وَعَامَّةُ هَؤُلَاءِ جِيرَانُ عَسْقَلَانَ ثُمَّ صَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَسْتَثْنِي فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَيَقُولُ: صَلَّيْت إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَتَى بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ وَصَنَّفَ أَهْلُ الثَّغْرِ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا - وَشَيْخُهُمْ ابْنُ مَرْزُوقٍ - غَايَتُهُ أَنْ يَتْبَعَ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَمْتَنِعُونَ أَنْ يَقُولُوا: لِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ هَذَا مَوْجُودٌ قَطْعًا وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَثْنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ وَكَأَنَّهُ يَسْتَثْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي الْخَبَرِ عَنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِقَوْلِهِ [تَعَالَى] (1) {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ} وَقَوْلِهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (2) {وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ؟} . وَالْوَاجِبُ مُوَافَقَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: قَطْعًا بِذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِهِ أَشْهَدُ بِذَلِكَ وَأَجْزِمُ بِذَلِكَ وَأَعْلَمُ ذَلِكَ؛ فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ وَلَا أَقْطَعُ؛ كَانَ جَاهِلًا؛ وَالْجَاهِلُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ؛ وَلَا يُصِرَّ عَلَى جَهْلِهِ؛ وَلَا يُخَالِفَ مَا عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مُبْتَدِعًا جَاهِلًا ضَالًّا.